قُلْتُ: وَقَدْ أُجِيبَ عَنْ هَذَا: بِأَنَّ أَهْلَ الْبَيْتِ يَتَنَاوَلُ الذُّكُورَ، إِذْ هُوَ مَوْضُوعٌ لِلْمُذَكَّرِ، أَعْنِي: لَفْظَ (أَهْلَ) ، فَغَلَبَ جَانِبُ التَّذْكِيرِ، فَجِيءَ بِضَمِيرِهِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: مَا رَوَى عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ رَبِيبُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، نَزَلَتْ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، فَدَعَا فَاطِمَةَ وَعَلِيًّا وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا، فَجَلَّلَهُمْ بِكِسَاءٍ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: وَأَنَا مَعَهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ ، قَالَ: أَنْتِ عَلَى مَكَانِكِ وَأَنْتِ عَلَى خَيْرٍ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هُوَ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عُمَرَ، وَرَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ.
وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَمُرُّ بِبَابِ فَاطِمَةَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ إِذَا خَرَجَ إِلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ، ثُمَّ يَقُولُ: الصَّلَاةَ يَا أَهْلَ الْبَيْتِ {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} [الْأَحْزَابِ: 33] الْآيَةَ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ
الْوَجْهُ الثَّانِي: مَا رَوَى عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ رَبِيبُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، نَزَلَتْ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، فَدَعَا فَاطِمَةَ وَعَلِيًّا وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا، فَجَلَّلَهُمْ بِكِسَاءٍ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: وَأَنَا مَعَهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ ، قَالَ: أَنْتِ عَلَى مَكَانِكِ وَأَنْتِ عَلَى خَيْرٍ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هُوَ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عُمَرَ، وَرَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ.
وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَمُرُّ بِبَابِ فَاطِمَةَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ إِذَا خَرَجَ إِلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ، ثُمَّ يَقُولُ: الصَّلَاةَ يَا أَهْلَ الْبَيْتِ {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} [الْأَحْزَابِ: 33] الْآيَةَ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَرَادَ مُبَاهَلَةَ نَصَارَى نَجْرَانَ، شَمَلَ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ بِكِسَاءٍ، وَجَاءَ بِهِمْ لِيُبَاهِلَ بِهِمْ، وَقَالَ: هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي وَذَلِكَ حِينَ نَزَلَ قَوْلُهُ عز وجل: {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ} [آلِ عِمْرَانَ: 61] الْآيَةَ، فَدَلَّ ذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْبَيْتِ هُمْ هَؤُلَاءِ لَا غَيْرُ، وَلَيْسَ النِّسَاءُ مُرَادَاتٍ مِنْهُ، وَإِلَّا لَقَالَ لِأُمِّ سَلَمَةَ: أَنْتِ مِنْهُمْ وَلَمْ يَقُلْ لَهَا ذَلِكَ، بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِ نَفْيُ كَوْنِهَا مِنْهُمْ.
أَمَّا دِلَالَةُ السِّيَاقِ عَلَى أَنَّهُنَّ مُرَادَاتٌ مِنَ الْآيَةِ، فَإِنَّهَا وَإِنْ كَانَ فِيهَا بَعْضُ التَّمَسُّكِ ; لَكِنَّ ذَلِكَ مَعَ النُّصُوصِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا، عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْبَيْتِ خَاصٌّ بِهَؤُلَاءِ، فَلَا يُفِيدُ، وَالْقُرْآنُ وَغَيْرُهُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ يَقَعُ فِيهِ الْفَصْلُ بَيْنَ أَجْزَاءِ الْكَلَامِ بِالْأَجْنَبِيِّ كَقَوْلِهِ عز وجل: {إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً} إِلَى قَوْلِهِ عز وجل ” أَذِلَّةً [النَّمْلِ: 34] هَذَا حِكَايَةُ قَوْلِ بِلْقِيسَ، {وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} [النَّمْلِ: 34] كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ مِنَ اللَّهِ عز وجل عِنْدَ الْمُفَسِّرِينَ. وَقَوْلُهُ عز وجل: {قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ} إِلَى قَوْلِهِ: الصَّادِقِينَ [يُوسُفَ: 51] هَذَا حِكَايَةُ كَلَامِ الْمَرْأَةِ، {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ} إِلَى قَوْلِهِ: غَفُورٌ رَحِيمٌ [يُوسُفَ: 52 – 53] كَلَامُ يُوسُفَ عليه السلام. وَقَوْلُهُ سبحانه وتعالى:
{وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ} [آلِ عِمْرَانَ: 121] إِلَى قَرِيبِ آخِرِ السُّورَةِ يَوْمَ أُحُدٍ فِي مَعْنَى غَزَاتِهَا، وَتَذْكِيرِ يَوْمِ بَدْرٍ وَنَحْوِهِ، وَوَقَعَ الِاعْتِرَاضُ بَيْنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا} إِلَى قَوْلِهِ عز وجل: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا} [آلِ عِمْرَانَ
أَمَّا دِلَالَةُ السِّيَاقِ عَلَى أَنَّهُنَّ مُرَادَاتٌ مِنَ الْآيَةِ، فَإِنَّهَا وَإِنْ كَانَ فِيهَا بَعْضُ التَّمَسُّكِ ; لَكِنَّ ذَلِكَ مَعَ النُّصُوصِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا، عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْبَيْتِ خَاصٌّ بِهَؤُلَاءِ، فَلَا يُفِيدُ، وَالْقُرْآنُ وَغَيْرُهُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ يَقَعُ فِيهِ الْفَصْلُ بَيْنَ أَجْزَاءِ الْكَلَامِ بِالْأَجْنَبِيِّ كَقَوْلِهِ عز وجل: {إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً} إِلَى قَوْلِهِ عز وجل ” أَذِلَّةً [النَّمْلِ: 34] هَذَا حِكَايَةُ قَوْلِ بِلْقِيسَ، {وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} [النَّمْلِ: 34] كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ مِنَ اللَّهِ عز وجل عِنْدَ الْمُفَسِّرِينَ. وَقَوْلُهُ عز وجل: {قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ} إِلَى قَوْلِهِ: الصَّادِقِينَ [يُوسُفَ: 51] هَذَا حِكَايَةُ كَلَامِ الْمَرْأَةِ، {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ} إِلَى قَوْلِهِ: غَفُورٌ رَحِيمٌ [يُوسُفَ: 52 – 53] كَلَامُ يُوسُفَ عليه السلام. وَقَوْلُهُ سبحانه وتعالى:
{وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ} [آلِ عِمْرَانَ: 121] إِلَى قَرِيبِ آخِرِ السُّورَةِ يَوْمَ أُحُدٍ فِي مَعْنَى غَزَاتِهَا، وَتَذْكِيرِ يَوْمِ بَدْرٍ وَنَحْوِهِ، وَوَقَعَ الِاعْتِرَاضُ بَيْنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا} إِلَى قَوْلِهِ عز وجل: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا} [آلِ عِمْرَانَ
130 – 139]
وَبِالْجُمْلَةِ فَاعْتِرَاضَاتُ الْعَرَبِيَّةِ، وَالتَّخَلُّصَاتُ مِنْ كَلَامٍ إِلَى كَلَامٍ كَثِيرَةٌ فِي الْقُرْآنِ عَلَى أَبْدَعِ مَا يَكُونُ، حَتَّى إِنَّ الْإِنْسَانَ يَظُنُّ أَنَّ الْجُمْلَتَيْنِ الْمُتَوَالِيَتَيْنِ مِنْهُ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ فِي مَعْنًى، وَمَنِ اسْتَقْرَأَ ذَلِكَ، وَنَظَرَ فِيهِ، عَرَفَهُ، وَحِينَئِذٍ قَوْلُهُ عز وجل: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} وَقَعَ اعْتِرَاضًا وَفَصْلًا بَيْنَ أَجْزَاءِ خِطَابِ النِّسْوَةِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ السُّنَّةِ الْمُبَيِّنَةِ لِذَلِكَ
