«فتح الباري» لابن حجر (7/ 499 ط السلفية):
«4251 – حدثني عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء رضي الله عنه قال: لما اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة فأبى أهل مكة أن يدعوه يدخل مكة حتى قاضاهم على أن يقيم بها ثلاثة أيام، فلما كتبوا الكتاب كتبوا: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله، قالوا: لا نقر لك بهذا، لو نعلم أنك رسول الله ما منعناك شيئا، ولكن أنت محمد بن عبد الله. فقال: أنا رسول الله، وأنا محمد بن عبد الله. ثم قال لعلي: امح رسول الله. قال علي: لا، والله لا أمحوك أبدا. فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب – وليس يحسن يكتب – فكتب: هذا ما قاضى محمد بن عبد الله؛ لا يدخل مكة السلاح إلا السيف في القراب، وأن لا يخرج من أهلها بأحد إن أراد أن يتبعه، وأن لا يمنع من أصحابه أحدا إن أراد أن يقيم بها. فلما دخلها ومضى الأجل أتوا عليا فقالوا: قل لصاحبك اخرج عنا فقد مضى الأجل. فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فتبعته ابنة حمزة تنادي: يا عم يا عم. فتناولها علي فأخذ بيدها وقال لفاطمة عليها السلام: دونك ابنة عمك حمليها. فاختصم فيها علي، وزيد، وجعفر؛ قال علي: أنا أخذتها وهي بنت عمي، وقال جعفر: ابنة عمي وخالتها تحتي، وقال زيد: ابنة أخي. فقضى بها النبي صلى الله عليه وسلم لخالتها وقال: الخالة بمنزلة الأم.
وقال لعلي: أنت مني وأنا منك. وقال لجعفر: أشبهت خلقي وخلقي. وقال لزيد: أنت أخونا ومولانا. وقال علي: ألا تتزوج بنت حمزة؟ قال: إنها ابنة أخي من الرضاعة.»
«4251 – حدثني عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء رضي الله عنه قال: لما اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة فأبى أهل مكة أن يدعوه يدخل مكة حتى قاضاهم على أن يقيم بها ثلاثة أيام، فلما كتبوا الكتاب كتبوا: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله، قالوا: لا نقر لك بهذا، لو نعلم أنك رسول الله ما منعناك شيئا، ولكن أنت محمد بن عبد الله. فقال: أنا رسول الله، وأنا محمد بن عبد الله. ثم قال لعلي: امح رسول الله. قال علي: لا، والله لا أمحوك أبدا. فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب – وليس يحسن يكتب – فكتب: هذا ما قاضى محمد بن عبد الله؛ لا يدخل مكة السلاح إلا السيف في القراب، وأن لا يخرج من أهلها بأحد إن أراد أن يتبعه، وأن لا يمنع من أصحابه أحدا إن أراد أن يقيم بها. فلما دخلها ومضى الأجل أتوا عليا فقالوا: قل لصاحبك اخرج عنا فقد مضى الأجل. فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فتبعته ابنة حمزة تنادي: يا عم يا عم. فتناولها علي فأخذ بيدها وقال لفاطمة عليها السلام: دونك ابنة عمك حمليها. فاختصم فيها علي، وزيد، وجعفر؛ قال علي: أنا أخذتها وهي بنت عمي، وقال جعفر: ابنة عمي وخالتها تحتي، وقال زيد: ابنة أخي. فقضى بها النبي صلى الله عليه وسلم لخالتها وقال: الخالة بمنزلة الأم.
وقال لعلي: أنت مني وأنا منك. وقال لجعفر: أشبهت خلقي وخلقي. وقال لزيد: أنت أخونا ومولانا. وقال علي: ألا تتزوج بنت حمزة؟ قال: إنها ابنة أخي من الرضاعة.»
قوله: (ثم قال لعلي: امح رسول الله)؛ أي امح هذه الكلمة المكتوبة من الكتاب، فقال: لا، والله لا أمحوك أبدا، وللنسائي من طريق علقمة بن قيس، عن علي قال: كنت كاتب النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية فكتبت: هذا ما صالح عليه محمد رسول الله، فقال سهيل: لو علمنا أنه رسول الله ما قاتلناه، امحها. فقلت: هو والله رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن رغم أنفك، لا والله لا أمحوها وكأن عليا فهم أن أمره له بذلك ليس متحتما، فلذلك امتنع من امتثاله
								«شرح صحيح البخاري» لابن بطال (8/ 87):
«8 – فيه: الْبَرَاءَ، قَالَ: (لَمَّا صَالَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ الْحُدَيْبِيَةِ، كَتَبَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ بَيْنَهُمْ كِتَابًا، فَكَتَبَ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: لا تَكْتُبْ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، لَوْ كُنْتَ رَسُولا لَمْ نُقَاتِلْكَ، فَقَالَ لِعَلِىٍّ: امْحُهُ، فَقَالَ عَلِىٌّ: مَا أَنَا بِالَّذِى أَمْحَاهُ، فَمَحَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ، وَصَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ يَدْخُلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، وَلا يَدْخُلُوهَا إِلا بِجُلُبَّانِ السِّلاحِ، فَسَأَلُوهُ: مَا جُلُبَّانُ السِّلاحِ؟ فَقَالَ: الْقِرَابُ بِمَا فِيهِ)»
«8 – فيه: الْبَرَاءَ، قَالَ: (لَمَّا صَالَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ الْحُدَيْبِيَةِ، كَتَبَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ بَيْنَهُمْ كِتَابًا، فَكَتَبَ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: لا تَكْتُبْ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، لَوْ كُنْتَ رَسُولا لَمْ نُقَاتِلْكَ، فَقَالَ لِعَلِىٍّ: امْحُهُ، فَقَالَ عَلِىٌّ: مَا أَنَا بِالَّذِى أَمْحَاهُ، فَمَحَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ، وَصَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ يَدْخُلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، وَلا يَدْخُلُوهَا إِلا بِجُلُبَّانِ السِّلاحِ، فَسَأَلُوهُ: مَا جُلُبَّانُ السِّلاحِ؟ فَقَالَ: الْقِرَابُ بِمَا فِيهِ)»
وإباءة علىّ من محو (رسول الله صلى الله عليه وسلم) أدب منه وإيمان وليس بعصيان فيما أمره به، والعصيان هاهنا أبر من الطاعة له وأجمل فى التأدب والإكرام.
								«شرح النووي على مسلم» (12/ 135):
«قَوْلُهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ امْحُهُ فَقَالَ مَا أَنَا بِالَّذِي أَمْحَاهُ هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ بِالَّذِي أَمْحَاهُ وَهِيَ لُغَةٌ فِي أَمْحُوهُ وَهَذَا الَّذِي فَعَلَهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه مِنْ بَابِ الْأَدَبِ الْمُسْتَحَبِّ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْهَمْ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَحْتِيمَ مَحْوِ عَلِيٍّ بِنَفْسِهِ وَلِهَذَا لَمْ يُنْكِرْ وَلَوْ حَتَّمَ مَحْوَهُ بِنَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ لِعَلِيٍّ تَرْكُهُ وَلَمَا أَقَرَّهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمُخَالَفَةِ
								«قَوْلُهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ امْحُهُ فَقَالَ مَا أَنَا بِالَّذِي أَمْحَاهُ هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ بِالَّذِي أَمْحَاهُ وَهِيَ لُغَةٌ فِي أَمْحُوهُ وَهَذَا الَّذِي فَعَلَهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه مِنْ بَابِ الْأَدَبِ الْمُسْتَحَبِّ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْهَمْ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَحْتِيمَ مَحْوِ عَلِيٍّ بِنَفْسِهِ وَلِهَذَا لَمْ يُنْكِرْ وَلَوْ حَتَّمَ مَحْوَهُ بِنَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ لِعَلِيٍّ تَرْكُهُ وَلَمَا أَقَرَّهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمُخَالَفَةِ
«الفصول في الأصول» (4/ 35):
وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَمَرَ بِكَتْبِ الْكِتَابِ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَكَانَ الْكَاتِبُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه كَتَبَ هَذَا مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، فَقَالَ سُهَيْلٌ: لَوْ عَلِمْنَا أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا كَذَّبْنَاكَ وَلَكِنْ اُكْتُبْ: هَذَا مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ اُمْحُ رَسُولَ اللَّهِ، وَاكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ عَلِيٌّ: مَا كُنْتُ لِأَمْحُوَهَا، فَمَحَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه اجْتِهَادَهُ فِي تَرْكِ مَحْوِهَا، لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ مُخَالَفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَإِنَّمَا قَصَدَ تَعْظِيمَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَبْجِيلَ ذَلِكَ الِاسْمِ، وَرَأَى أَنْ لَا يَمْحُوَهُ هُوَ لِيَمْحُوَهُ غَيْرُهُ فَكَانَ ذَلِكَ طَاعَةً مِنْهُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَلَوْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: (قَدْ) فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْك مَحْوَهَا لَمَحَاهَا بِيَدِهِ
								وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَمَرَ بِكَتْبِ الْكِتَابِ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَكَانَ الْكَاتِبُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه كَتَبَ هَذَا مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، فَقَالَ سُهَيْلٌ: لَوْ عَلِمْنَا أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا كَذَّبْنَاكَ وَلَكِنْ اُكْتُبْ: هَذَا مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ اُمْحُ رَسُولَ اللَّهِ، وَاكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ عَلِيٌّ: مَا كُنْتُ لِأَمْحُوَهَا، فَمَحَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه اجْتِهَادَهُ فِي تَرْكِ مَحْوِهَا، لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ مُخَالَفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَإِنَّمَا قَصَدَ تَعْظِيمَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَبْجِيلَ ذَلِكَ الِاسْمِ، وَرَأَى أَنْ لَا يَمْحُوَهُ هُوَ لِيَمْحُوَهُ غَيْرُهُ فَكَانَ ذَلِكَ طَاعَةً مِنْهُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَلَوْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: (قَدْ) فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْك مَحْوَهَا لَمَحَاهَا بِيَدِهِ
عمر يشك في النبي وفي الاسلام
«صحيح ابن حبان: التقاسيم والأنواع» (7/ 99):
«
«
وَقَالَ لِي فِي حَدِيثِهِ عَنْ عُرْوَةَ، عَنِ الْمِسْوَرِ وَمَرْوَانَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: “عَلَى أَنْ تُخَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْبَيْتِ فَنَطُوفَ بِهِ”، فَقَالَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو: إِنَّهُ لَا يَتَحَدَّثُ الْعَرَبُ أَنَّا أُخِذْنَا ضُغْطَةً وَلَكِنْ لَكَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، فَكَتَبَ.
فَقَالَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو: وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ أَوْ يُرِيدُ دِينَكَ إِلَاّ رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: سُبْحَانَ اللهِ! كَيْفَ يُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ جَاءَ مُسْلِمًا، فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ جَاءَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ فِي قُيُودِهِ قَدْ خَرَجَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ حَتَّى رَمَى بِنَفْسِهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو: يَا مُحَمَّدُ، هَذَا أَوَّلُ مَنْ نُقَاضِيكَ عَلَيْهِ أَنْ تَرُدَّهُ إِلَيَّ! فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: “إِنَّا لَمْ نُمْضِ الْكِتَابَ بَعْدُ”، فَقَالَ: وَاللهِ لَا أُصَالِحُكَ عَلَى شَيْءٍ أَبَدًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: “فَأَجِزْهُ لِي! ” فَقَالَ: مَا أَنَا بِمُجِيزِهِ لَكَ، قَالَ: “فَافْعَلْ! ” قَالَ: مَا أَنَا بِفَاعِلٍ، قَالَ مِكْرَزٌ: بَلْ قَدْ أَجَزْنَاهُ لَكَ. فَقَالَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، أُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ جِئْتُ مُسْلِمًا، أَلَا تَرَوْنَ إِلَى مَا قَدْ لَقِيتُ! وَكَانَ قَدْ عُذِّبَ عَذَابًا شَدِيدًا فِي اللهِ.
فَقَالَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو: وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ أَوْ يُرِيدُ دِينَكَ إِلَاّ رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: سُبْحَانَ اللهِ! كَيْفَ يُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ جَاءَ مُسْلِمًا، فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ جَاءَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ فِي قُيُودِهِ قَدْ خَرَجَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ حَتَّى رَمَى بِنَفْسِهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو: يَا مُحَمَّدُ، هَذَا أَوَّلُ مَنْ نُقَاضِيكَ عَلَيْهِ أَنْ تَرُدَّهُ إِلَيَّ! فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: “إِنَّا لَمْ نُمْضِ الْكِتَابَ بَعْدُ”، فَقَالَ: وَاللهِ لَا أُصَالِحُكَ عَلَى شَيْءٍ أَبَدًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: “فَأَجِزْهُ لِي! ” فَقَالَ: مَا أَنَا بِمُجِيزِهِ لَكَ، قَالَ: “فَافْعَلْ! ” قَالَ: مَا أَنَا بِفَاعِلٍ، قَالَ مِكْرَزٌ: بَلْ قَدْ أَجَزْنَاهُ لَكَ. فَقَالَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، أُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ جِئْتُ مُسْلِمًا، أَلَا تَرَوْنَ إِلَى مَا قَدْ لَقِيتُ! وَكَانَ قَدْ عُذِّبَ عَذَابًا شَدِيدًا فِي اللهِ.
فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ: وَاللهِ مَا شَكَكْتُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ إِلَاّ يَوْمَئِذٍ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: أَلَسْتَ رَسُولَ اللهِ حَقًّا؟ قَالَ: “بَلَى”، قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ: “بَلَى”، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا؟ قَالَ: “إِنِّي رَسُولُ اللهِ، وَلَسْتُ أَعْصِي رَبِّي، وَهُوَ نَاصِرِيّ”، قُلْتُ: أَوَلَيْسَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ: “بَلَى، أَفَأَخْبَرْتُكَ أَنَّكَ تَأْتِيهِ الْعَامَ؟ ” قَالَ: لَا، قَالَ: “فَإِنَّكَ تَأْتِيهِ فَتَطُوفُ بِهِ”، قَالَ: فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَيْسَ هَذَا نَبِيَّ اللهِ حَقًّا؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: أَوَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا؟ قَالَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ، إِنَّهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَيْسَ يَعْصِي رَبَّهُ، وَهُوَ نَاصِرُهُ، فَاسْتَمْسِكْ بِغَرْزِهِ حَتَّى تَمُوتَ، فَوَاللهِ إِنَّهُ عَلَى الْحَقِّ، قُلْتُ: أَوَلَيْسَ كَانَ يُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ وَنَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَأَخْبَرَكَ أَنَّكَ تَأْتِيهِ الْعَامَ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَإِنَّكَ آتِيهِ وَتَطُوفُ بِهِ.
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ: فَعَمِلْتُ فِي ذَلِكَ أَعْمَالاً، يَعْنِي فِي نَقْضِ الصَّحِيفَةِ، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْكِتَابِ، أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ فَقَالَ: “انْحَرُوا الْهَدْيَ وَاحْلِقُوا! ” قَالَ: فَوَاللهِ مَا قَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ رَجَاءَ أَنْ يُحْدِثَ اللهُ أَمْرًا،
								قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ: فَعَمِلْتُ فِي ذَلِكَ أَعْمَالاً، يَعْنِي فِي نَقْضِ الصَّحِيفَةِ، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْكِتَابِ، أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ فَقَالَ: “انْحَرُوا الْهَدْيَ وَاحْلِقُوا! ” قَالَ: فَوَاللهِ مَا قَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ رَجَاءَ أَنْ يُحْدِثَ اللهُ أَمْرًا،
